Admin
26-09-2010, 02:16 AM
الإمام ناصر محمد اليماني
17 - 10 - 1431 هـ
26 - 09 - 2010 مـ
02:16 صباحاً
[ لمتابعة رابط المشاركـة الأصليّة للبيان ] (https://mahdialumma.online/showthread.php?p=8248)
https://mahdialumma.online/showthread.php?p=8248 (https://mahdialumma.online/showthread.php?p=8248)
_________
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وكل عامٍ وأنتم طيبون وعلى الصراط المستقيم ثابتون ..
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على كافة الأنبياء والمرسلين من ربّ العالمين من أوّلهم إلى خاتمهم محمد رسول الله وآلهم المكرمين جميعاً، ولا أفرِّق بين أحدٍ من رُسله وأنا من المسلمين أدعو إلى الله على بصيرةٍ حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين..
ويا أحباب قلب الإمام المهديّ الأنصار السابقين الأخيار صفوة البشريّة وخير البريّة، لقد ألقى الله في قلب الإمام المهديّ لكم ودّاً عظيماً، فلكم أُحبّكم في الله! زادكم الله بحُبّه وقربه وعظيم نعيم رضوان نفسه يا أحباب الله المكرمين، وتالله إنّكم من القوم الذي وعد الله بهم في مُحكم الكتاب لنُصرة دين الحقّ دون أن يذكر الله جنّته أو ناره بل ذكر التجارة بينكم وبين الرحمن وهي تجارة حبّه وقربه وذلك فضلٌ من الله عظيمٌ في قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّـهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّـهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴿٥٤﴾} صدق الله العظيم [المائدة].
وبيان هذه الآية يعلم بها الموقنون من أنصار المهديّ المنتظَر في عصر الحوار من قبل الظهور فإنّهم فعلاً يحبّون الله الحبّ الأعظم لدرجة أنّهم حرَّموا على أنفسهم دخول جنّة النّعيم حتى يُحقِّق الله لهم النّعيم الأعظم منها فيرضى في نفسه فلا يعود مُتحسِّراً ولا حزيناً.
وأنا الإمام المهديّ أفتي بالحقّ بتأكيد القسم بالله العليّ العظيم ربّ السماوات والأرض وما بينهما وربّ العرش العظيم أنّه لن يرضى أحباب الرحمن المُصطفون بملكوت الدنيا والآخرة حتى يكون حبيبهم الرحمن قد رضي في نفسه ولم يعُد مُتحسِّراً ولا حزيناً وذلك لأنّهم من أشدّ المؤمنين حُباً لله تصديقاً لقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّـهِ} صدق الله العظيم [البقرة:165].
فلا ينبغي للعبد أن يحبّ عبداً أو أيَّ شيءٍ مِن خلق الله أكثر من حبّه لربّه، وذلك لأنّ الله هو الأولى بحُبّ عبده الأعظم في القلب، ومن جعل نداً لحُبّ الله في قلبه فأحبّه كما يحبّ الله فقد أشرك بالله وخسر خُسراناً مُبيناً تصديقاً لقول الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّـهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّـهِ ۖ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّـهِ ۗ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّـهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّـهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ ﴿١٦٥﴾} صدق الله العظيم [البقرة].
إذاً الذين يحصرون التنافس إلى الرحمن في حبّه وقربه لأنبيائه ورُسله لم يجعلهم الله من أحِبّائه ولذلك رضوا أن يكون رُسل الله هم أحبّ إلى الله منهم وأقرب. ولا نزال نُفتي الأنصار أنّ من رضي أن يكون الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني هو أحبّ إلى الله منه وأقرب فقد أشرك بالله وأصبح حبّه للإمام ناصر محمد اليماني كحبّ الله سبحانه وتعالى علواً كبيراً، ولا أَعلم أحداً من أنصاري يحبّني أكثر من الله والحمد لله وذلك لأنّي دائماً أُذكِّرهم أن يكونوا أشدّ حباً في قلوبهم لله.
ولربّما يودُّ أحد علماء الأمّة أن يقاطعني فيقول: "فمَن ذا مِن المؤمنين الذي لا يحبّ الله يا ناصر محمد اليماني؟ فهل تزعم أنت وأنصارك أنّكم من أشدّ المؤمنين حُباً لله؟". ثمّ يردّ عليه الإمام ناصر محمد اليماني وأقول: فهل ترضى أن يكون الأنبياء والمرسلون هم أحبّ منك إلى الله وتُحرِّم على نفسك مُنافستهم في حبّ الله وقربه؟ ومعلومٌ جوابه وسيقول: "اللهم نعم لكونهم هم المُكرمون وشُفعاؤنا بين يدي الله ربّ العالمين". ومن ثمّ يردّ عليه الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني وأقول: "إذاً فهم أحبّ إلى قلبك من الله ربّك الأولى بحُبّك الأعظم، فيا من جعلت لله أنداداً في الحبّ تذكَّر قول الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّـهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّـهِ ۖ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّـهِ ۗ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّـهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّـهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ ﴿١٦٥﴾} صدق الله العظيم.
فتعال لكي أُعلِّمك الحقّ عليك لمحمدٍ رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - وهو أن تحبه أكثر شيءٍ على مستوى حُبّك للنّاس، وذلك هو حقّه عليك أيّها المؤمن لكونه جاءكم بنور الله القرآن العظيم، فصلّوا عليه وسلِّموا تسليماً، ولكنّ حُبّكم لله لا ينبغي أن يكون لهُ ندٌّ أبداً حتى تلقوا حبيبكم الرحمن، ألا والله الذي لا إله غيره لو يحشر الله أحد أنصار المهديّ المنتظَر في طائفة أهل اليمين أنّه سوف يبكي بكاءً كثيراً لأنّه يريدُ أن يحشره الله في طائفة المقرّبين أحباب الله ربّ العالمين، فهم درجاتٌ في حبّ الله ولا يزال العبد الأحبّ والأقرب مجهولاً لحكمةٍ من الله حتى لا تشركوا بالله فيستمرّ التنافس في حبّ الله وقربه ثمّ ينجّيكم الله من الشرك به حتى ولو لم يكن أحدكم هو العبد الأحبّ والأقرب؛ فأضعف الإيمان أنّه نَجَى من الشرك بالله وفاز فوزاً عظيماً لكونه لم يُعظِّم أحداً من عباد الله فيجعله نداً لحُبّ الله بل عظَّم الله ربّه ونافس في حبّه وقربه، وإنّما يمتاز أنصار الإمام المهديّ أنّهم لن يرضوا حتى يكون حبيبهم الرحمن راضياً في نفسه لا مُتحسِّراً ولا حزيناً على عباده بعد أن أخبرهم الخبير بالرحمن عن حال الرحمن في نفسه أنّه ما قطّ شعر بالسعادة في نفسه منذ أن أهلك أوّل أمّةٍ كفروا برسول ربّهم إليهم من الجنّ والإنس.
والحمدُ لله الذي جعل الفتوى عن حاله سبحانه في آيةٍ مُحكمةٍ بيّنةٍ لعالِمكم وجاهلكم وعلّمكم الله بحاله في نفسه أنّه مُتحسِّرٌ على جميع الأمم الذين كذَّبوا بُرسل ربّهم فأهلكهم الله، فمن ذا الذي يُنكِر تحسُّر الله على عباده في قول الله تعالى: {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٣١﴾ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴿٣٢﴾} صدق الله العظيم [يس].
وهُنا يَجأَر أحباب الرحمن إلى ربّهم فيقولون: "يا إله العالمين كيف نكون سُعداءَ في جنّة النّعيم ما لم تكن يا حبيبي سعيداً؟ فهل خلقتنا من أجل أن نستمتع بنعيم الجنّة وحورها وقصورها؟ هيهات هيهات، وتالله لا نكون سُعداءَ فيها ما لم نعلم علم اليقين أنّك سعيدٌ مثلنا يا أرحم الراحمين حتى ولو لم تَفرِض ذلك علينا ولم تُحرِّم علينا دخول الجنّة قبل تحقيق رضوانك في نفسك ولكنّ حُجّتنا عليك أننا قد أحببناك بالحبّ الأعظم من ملكوت الدُنيا والآخرة، فكيف نكون سُعداءَ ما لم يكُن حبيبنا الرحمن الرحيم سعيداً مسروراً في نفسه؟". ومن ثمّ لا يجدون في أنفسهم إلا الرفض من دخول جنّة النّعيم حتى يُحقِّق الله لهم النّعيم الأعظم منها فيرضى.
ولذلك تجدون الإمام المهدي وزُمرته لن يرضوا بجنّة النّعيم وذلك من شدة حُبّهم لله ربّ العالمين ولذلك يريدون أن يكون حبيبهم الرحمن راضياً في نفسه ولم يعُد مُتحسِّراً ولا حزيناً على عباده الذين ظلموا أنفسهم، وذلك ليس رحمةً منهم بالعباد بل لأنّهم يعلمون أنّ الله هو أرحم بعباده من عبيده، ومن ثمّ علموا بعظيم مدى حسرة ربّهم على عباده الذين ظلموا أنفسهم ولو عَلم بذلك أنبياء الله ورُسله لما دعوا على قومهم شيئاً، وإنّما استجاب الله لدعوتهم فأصدقهم ما وعدهم فأهلك عدوّهم وأورثهم الأرض من بعدهم، فانظروا لدعوة نبيّ الله نوح - عليه الصلاة والسلام - على قومه وقال الله تعالى: {قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ ﴿١١٦﴾ قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ ﴿١١٧﴾ فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَن مَّعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴿١١٨﴾ فَأَنجَيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ﴿١١٩﴾ ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ ﴿١٢٠﴾ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ ﴿١٢١﴾ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴿١٢٢﴾} صدق الله العظيم [الشعراء].
ولكن الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني يقول:
اللهم عبدك يدعوك بحقّ لا إله إلا أنت وبحقّ رحمتك التي كتبت على نفسك وبحقّ عظيم نعيم رضوان نفسك أن لا تُهلِك عبادك الذين ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا ويحسبون أنّهم مهتدون، اللهم إن عبدك لا يريد أن يجلب إلى نفسك المزيد من التحسُّر على عبادك، اللهم إن نفد صبري فدعوتُ عليهم اللهم لا تُجِب دعوتي عليهم بحقّ لا إله إلا انت وبحقّ رحمتك التي كتبت على نفسك وبحقّ عظيم نعيم رضوان نفسك أن لا تُجِب دعوتي على أحدٍ من عبيدك الذين كذَّبوا بأمر المهديّ المنتظَر ناصر محمد اليماني وهم لا يعلمون أنّه المهديّ المنتظَر الحقّ من ربّهم، اللهم فاغفر لهم فإنّهم لا يعلمون برحمتك يا أرحم الراحمين.
ويا عباد الله يا أحباب الرحمن الرحيم يا أنصار الإمام المهديّ المنتظَر ناصر محمد اليماني، أتوسّل إليكم أن لاتدْعوا على إخوانكم المسلمين ولا على الكافرين الذين لا يعلمون الحقّ من الباطل فكونوا رحمةً للعالمين كما كان محمدٌ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - الذي كاد أن يُذهِب نفسه حسراتٍ على عباد الله الذين لم يؤمنوا بهذا القرآن العظيم ولم يدعُ عليهم وقال الله تعالى: {أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا ۖ فَإِنَّ اللَّـهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۖ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ۚ إِنَّ اللَّـهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴿٨﴾} صدق الله العظيم [فاطر].
وقال الله تعالى: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَـٰذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا ﴿٦﴾} صدق الله العظيم [الكهف].
ولربّما يودُّ أن يقاطعني الذين يبالغون في محمدٍ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - فيقولون: "أفلا ترى مدى رحمة محمدٍ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - بعباد الله فتجد أخباره في محكم كتاب الله يكاد أن يُذهِب نفسه حسراتٍ على عباد الله، فكيف لا يكون هو الشفيع بين يدي الله لعباده؟". ثمّ يردّ عليه الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني وأقول: إنّما أعظكم بواحدةٍ هو أن تتفكّروا في مدى حسرة محمدٍ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - الذي كاد أن يُذهِب نفسه حسراتٍ على عباد الله ومن ثمّ تقولون: إذاً فكيف بحسرة من هو أرحم من محمدٍ رسول الله بعباده اللـه أرحم الراحمين الذي قال في محكم كتابه: {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٣١﴾ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴿٣٢﴾} صدق الله العظيم [يس]؟
فاتقوا الله فليس محمدٌ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - هو أرحم من الله بعباده، ولذلك حذَّر الله مُحمداً - عبده ورسوله - أن يكون من الجاهلين لكون الله هو أرحم بعباده من محمدٍ - عبده ورسوله - الذي يكاد أن يُذهِب نفسه عليهم حسراتٍ ولذلك قال الله تعالى: {وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُم بِآيَةٍ ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّـهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَىٰ ۚ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴿٣٥﴾} صدق الله العظيم [الأنعام].
وفي هذا الموضع توقف الإمام المهدي للتفكّر والتدبّر ما يقصد الله بقوله إلى نبيّه: {فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ}، فماذا فعل محمدٌ رسول الله - صلّى الله عليه وآله - إلا أنّه يريد أن يهتدي النّاس أجمعين فيُصدِّقون الحقّ من ربّهم؟ والسؤال الذي يطرح نفسه: فبماذا جهل عليه الصلاة والسلام؟ ومن ثمّ بحثتُ في الكتاب فوجدتُ السرّ في نفس الله سبحانه وتعالى علواً كبيراً، فلو أنّ محمداً رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - قال:
يا ربّ إذا كانت هذه حسرتي في نفسي على عبادك حتى أكاد أن أُذهِب نفسي عليهم حسراتٍ، فكيف بحال من هو أرحم بعباده من عبده؟ الله أرحم الراحمين الذي يقول بعد هلاك كُلّ أمّةٍ كذَّبت برسل ربّهم: {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٣١﴾ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴿٣٢﴾} صدق الله العظيم.
ولذلك قال الله تعالى: {الرَّحْمَـٰنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} صدق الله العظيم [الفرقان:59].
ألا والله الذي لا إله غيره لولا أنّي أَخبرتُ الأنصار بحال الرحمن الرحيم لما حرَّموا على أنفسهم جنّة النّعيم لأنّهم لم يكونوا يعلمون من قبلُ أنّ الله يتحسّر على عباده الكافرين في نفسه تحسُّراً عظيماً ليس مثله تحسُّر أحدٍ من عبيد الله أجمعين نظراً للفارق العظيم بين رحمة الرُّحماء وأرحم الراحمين.
ويا أحبتي الأنصار يا أحباب الله ربّ العالمين، وكأنّي أراكم تستعجلون العذاب للمُعرضين عن اتّباع كتاب الله والاحتكام إليه من المسلمين والكافرين، ثمّ يردّ عليكم الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني وأقول: فهل ترضون أن تجلبوا المزيد من التحسّر في نفس حبيبكم الله أرحم الراحمين؟ فأين هدفكم العظيم أن تجعلوا النّاس أمّةً واحدةً على صراطٍ مستقيمٍ؟ فصبرٌ جميلٌ يا أحباب الرحمن وادعوا العالمين إلى اتّباع ذِكرهم من الله القرآن العظيم والكفر بما خالف لمحكمه وقولوا للنّاس حُسناً، جعلكم الله مباركين أينما كنتم فكونوا رحمةً للعالمين، فإذا استحضرت الحسرة في قلوبكم على عبيد الله فتذكَّروا حال من هو أرحم بعباده منكم الله أرحم الراحمين، واعلموا أنّكم لو تدعون على عبيد الله الذين كفروا بداعي الحقّ عن جهلٍ منهم فإن الله سوف يجيبكم تصديقاً لوعده الحقّ في محكم كتابه وقال الله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَىٰ قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا ۖ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴿٤٧﴾} صدق الله العظيم [الروم].
وإنّما يُهلِكهم الله من بعد التكذيب بآيات الله فيدعو عليهم رسلُ الله ثمّ يستجيب الله لهم فينتقم من عدوّهم ويورثهم الأرض من بعدهم إنّ الله لا يُخلف الميعاد، مثال دعوة نبيّ الله نوحٍ على قومه وقال الله تعالى: {قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ ﴿١١٦﴾ قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ ﴿١١٧﴾ فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَن مَّعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴿١١٨﴾ فَأَنجَيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ﴿١١٩﴾ ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ ﴿١٢٠﴾ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ ﴿١٢١﴾ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴿١٢٢﴾} صدق الله العظيم [الشعراء].
ومثال دعوة نبيّ الله شُعيب والذين آمنوا معه على قومهم بعد أن حذَّروهم: أن يخرجوا من قريتهم أو يعودوا في ملتهم، فكان ردّ نبيّ الله شُعيب وقومه أن قالوا: {قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُم بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّـهُ مِنْهَا ۚ وَمَا يَكُونُ لَنَا أَن نَّعُودَ فِيهَا إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّـهُ رَبُّنَا ۚ وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا ۚ عَلَى اللَّـهِ تَوَكَّلْنَا ۚ رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ ﴿٨٩﴾ وَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَّخَاسِرُونَ ﴿٩٠﴾ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ ﴿٩١﴾ الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَن لَّمْ يَغْنَوْا فِيهَا ۚ الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ ﴿٩٢﴾} صدق الله العظيم [الأعراف].
وكذلك دعوة نبيّ الله موسى وهارون عليهم الصلاة والسلام قالوا: {وَقَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَن سَبِيلِكَ ۖ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ﴿٨٨﴾ قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴿٨٩﴾ وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴿٩٠﴾ آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴿٩١﴾} صدق الله العظيم [يونس].
ولكن الإمام المهدي يتنازل عن هذا الوعد من الله (أن يُهلِك المسلمين والكافرين المعرضين عن دعوة الاحتكام إلى كتاب الله واتّباعه من الذين لا يعلمون الحقّ من الباطل وحتى ولو سوف يورثني الله ومن معي الأرض من بعدهم) اللهم لا تُجِب دعائي ولا دعاء أحدٍ من أنصاري بهلاك عبادك الذين لا يعلمون، وأمّا سبب تنازلي عن إجابة دعائي على عباده الذين ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنّهم يحسنون صنعاً وذلك لأنّي لا أريد أن أجلب المزيد من الحسرة في نفس الله على عباده برغم غيظي الشديد ولكنّي كظمت غيظي في قلبي من أجل ربّي ولذلك تجدوني دائماً أُذكِّر أنصاري بحسرات الله في نفسه على عباده في كثيرٍ من البيانات وقال الله تعالى: {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٣١﴾ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴿٣٢﴾} صدق الله العظيم [يس].
فيا من يستعجلون العذاب للعالمين، فهل ترضون أن تزيدوا حسرة الله في نفسه على عباده؟ إن كنتم تحبون الله بالحبّ الأعظم في الكتاب فقولوا في أنفسكم: "اللهم لا تُجِب دعاءنا على عبيدك وأجب دُعاءنا لهم بالهُدى برحمتك يا أرحم الراحمين". ثمّ لا يُجيب الله دعوتكم على أولادكم ولا إخوانكم ولا عشيرتكم ولا أمّتكم ثمّ يهديهم جميعاً من أجلكم فلستم أكرم من ربّكم ووعده الحقّ وهو أكرم الأكرمين.
فاجعلوا هدفكم كمثل هدف الإمام المهدي حتى تُحقِّقوا هُدى الأمّة جميعاً إن كنتم صادقين، ولا تفتنوا أنفسكم ولا تفتنوا أمّتكم بذكر مواعيد العذاب والحساب ليوم العذاب، ألا والله لو تُعلِّمون النّاس بموعدٍ للعذاب ولو بعد أمدٍ بعيدٍ فإنّ الذين لا يعقلون لن يقولوا: اللهم إن كان هذا هو الحقّ من عندك فاهدنا إليه واجعلنا من السابقين لنُصرة الحقّ من عندك قبل أن يأتي يوم العذاب العقيم؛ بل سوف يقولون: سوف ننظر أصدقتم أم كنتم من الكاذبين أنتم وإمامكم، فسوف ننظر ذلك اليوم هل يعذّبنا الله كما تزعمون؟ حتى إذا وقع آمنوا به الآن وقال الله تعالى: {أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنتُم بِهِ ۚ آلْآنَ وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ﴿٥١﴾} صدق الله العظيم [يونس].
ولذلك لم يُعلِّم اللهُ رسولَه عن موعد العذاب حتى لا يُنظِروا إيمانهم بالحقّ من ربّهم إلى ذلك اليوم وقال الله تعالى: {قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا ﴿٢٥﴾ عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا ﴿٢٦﴾ إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا ﴿٢٧﴾ لِّيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَىٰ كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا ﴿٢٨﴾} صدق الله العظيم [الجن].
ولقد عَلِم محمدٌ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - أنّ موعد العذاب لن يكون في عصره بل في عصر المهدي المُنتظر من خلال قول الله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّـهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّـهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴿٣٣﴾} صدق الله العظيم [الأنفال].
وعَلِم محمدٌ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - أنّه ليس المُخاطَب بقول الله تعالى: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ ﴿١٠﴾ يَغْشَى النَّاسَ ۖ هَـٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿١١﴾} صدق الله العظيم [الدخان].
بل عَلِم أنّ المُخاطب بذلك هو الإمام المهدي المُنتظر، ولذلك أفتى محمدٌ رسول الله أمّته عن آية العذاب بالدخان المُبين أنّ ذلك الحدث من أشراط الساعة الكُبرى، وبما أن المهديّ المنتظَر كذلك من أشراط الساعة الكُبرى إذاً تلك الآية هي لكي يصدِّقه العالمين فيتّبعون كتاب الله القرآن العظيم ويكفرون بما خالف لمحكمه سواء يكون في التوراة أو في الإنجيل أو في السنّة النبويّة لكون ما خالف لمحكم كتاب الله القرآن العظيم هو افتراءٌ على الله جاء من عند غير الله لكون كتاب الله القرآن العظيم محفوظاً من التحريف والتزييف إلى يوم الدّين ليكون حجّة الله على العالمين، فهل أنتم مؤمنون؟
وسلامٌ على المرسلين، والحمدُ لله ربّ العالمين ..
أخوكم الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني .
________________
17 - 10 - 1431 هـ
26 - 09 - 2010 مـ
02:16 صباحاً
[ لمتابعة رابط المشاركـة الأصليّة للبيان ] (https://mahdialumma.online/showthread.php?p=8248)
https://mahdialumma.online/showthread.php?p=8248 (https://mahdialumma.online/showthread.php?p=8248)
_________
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وكل عامٍ وأنتم طيبون وعلى الصراط المستقيم ثابتون ..
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على كافة الأنبياء والمرسلين من ربّ العالمين من أوّلهم إلى خاتمهم محمد رسول الله وآلهم المكرمين جميعاً، ولا أفرِّق بين أحدٍ من رُسله وأنا من المسلمين أدعو إلى الله على بصيرةٍ حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين..
ويا أحباب قلب الإمام المهديّ الأنصار السابقين الأخيار صفوة البشريّة وخير البريّة، لقد ألقى الله في قلب الإمام المهديّ لكم ودّاً عظيماً، فلكم أُحبّكم في الله! زادكم الله بحُبّه وقربه وعظيم نعيم رضوان نفسه يا أحباب الله المكرمين، وتالله إنّكم من القوم الذي وعد الله بهم في مُحكم الكتاب لنُصرة دين الحقّ دون أن يذكر الله جنّته أو ناره بل ذكر التجارة بينكم وبين الرحمن وهي تجارة حبّه وقربه وذلك فضلٌ من الله عظيمٌ في قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّـهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّـهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴿٥٤﴾} صدق الله العظيم [المائدة].
وبيان هذه الآية يعلم بها الموقنون من أنصار المهديّ المنتظَر في عصر الحوار من قبل الظهور فإنّهم فعلاً يحبّون الله الحبّ الأعظم لدرجة أنّهم حرَّموا على أنفسهم دخول جنّة النّعيم حتى يُحقِّق الله لهم النّعيم الأعظم منها فيرضى في نفسه فلا يعود مُتحسِّراً ولا حزيناً.
وأنا الإمام المهديّ أفتي بالحقّ بتأكيد القسم بالله العليّ العظيم ربّ السماوات والأرض وما بينهما وربّ العرش العظيم أنّه لن يرضى أحباب الرحمن المُصطفون بملكوت الدنيا والآخرة حتى يكون حبيبهم الرحمن قد رضي في نفسه ولم يعُد مُتحسِّراً ولا حزيناً وذلك لأنّهم من أشدّ المؤمنين حُباً لله تصديقاً لقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّـهِ} صدق الله العظيم [البقرة:165].
فلا ينبغي للعبد أن يحبّ عبداً أو أيَّ شيءٍ مِن خلق الله أكثر من حبّه لربّه، وذلك لأنّ الله هو الأولى بحُبّ عبده الأعظم في القلب، ومن جعل نداً لحُبّ الله في قلبه فأحبّه كما يحبّ الله فقد أشرك بالله وخسر خُسراناً مُبيناً تصديقاً لقول الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّـهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّـهِ ۖ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّـهِ ۗ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّـهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّـهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ ﴿١٦٥﴾} صدق الله العظيم [البقرة].
إذاً الذين يحصرون التنافس إلى الرحمن في حبّه وقربه لأنبيائه ورُسله لم يجعلهم الله من أحِبّائه ولذلك رضوا أن يكون رُسل الله هم أحبّ إلى الله منهم وأقرب. ولا نزال نُفتي الأنصار أنّ من رضي أن يكون الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني هو أحبّ إلى الله منه وأقرب فقد أشرك بالله وأصبح حبّه للإمام ناصر محمد اليماني كحبّ الله سبحانه وتعالى علواً كبيراً، ولا أَعلم أحداً من أنصاري يحبّني أكثر من الله والحمد لله وذلك لأنّي دائماً أُذكِّرهم أن يكونوا أشدّ حباً في قلوبهم لله.
ولربّما يودُّ أحد علماء الأمّة أن يقاطعني فيقول: "فمَن ذا مِن المؤمنين الذي لا يحبّ الله يا ناصر محمد اليماني؟ فهل تزعم أنت وأنصارك أنّكم من أشدّ المؤمنين حُباً لله؟". ثمّ يردّ عليه الإمام ناصر محمد اليماني وأقول: فهل ترضى أن يكون الأنبياء والمرسلون هم أحبّ منك إلى الله وتُحرِّم على نفسك مُنافستهم في حبّ الله وقربه؟ ومعلومٌ جوابه وسيقول: "اللهم نعم لكونهم هم المُكرمون وشُفعاؤنا بين يدي الله ربّ العالمين". ومن ثمّ يردّ عليه الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني وأقول: "إذاً فهم أحبّ إلى قلبك من الله ربّك الأولى بحُبّك الأعظم، فيا من جعلت لله أنداداً في الحبّ تذكَّر قول الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّـهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّـهِ ۖ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّـهِ ۗ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّـهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّـهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ ﴿١٦٥﴾} صدق الله العظيم.
فتعال لكي أُعلِّمك الحقّ عليك لمحمدٍ رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - وهو أن تحبه أكثر شيءٍ على مستوى حُبّك للنّاس، وذلك هو حقّه عليك أيّها المؤمن لكونه جاءكم بنور الله القرآن العظيم، فصلّوا عليه وسلِّموا تسليماً، ولكنّ حُبّكم لله لا ينبغي أن يكون لهُ ندٌّ أبداً حتى تلقوا حبيبكم الرحمن، ألا والله الذي لا إله غيره لو يحشر الله أحد أنصار المهديّ المنتظَر في طائفة أهل اليمين أنّه سوف يبكي بكاءً كثيراً لأنّه يريدُ أن يحشره الله في طائفة المقرّبين أحباب الله ربّ العالمين، فهم درجاتٌ في حبّ الله ولا يزال العبد الأحبّ والأقرب مجهولاً لحكمةٍ من الله حتى لا تشركوا بالله فيستمرّ التنافس في حبّ الله وقربه ثمّ ينجّيكم الله من الشرك به حتى ولو لم يكن أحدكم هو العبد الأحبّ والأقرب؛ فأضعف الإيمان أنّه نَجَى من الشرك بالله وفاز فوزاً عظيماً لكونه لم يُعظِّم أحداً من عباد الله فيجعله نداً لحُبّ الله بل عظَّم الله ربّه ونافس في حبّه وقربه، وإنّما يمتاز أنصار الإمام المهديّ أنّهم لن يرضوا حتى يكون حبيبهم الرحمن راضياً في نفسه لا مُتحسِّراً ولا حزيناً على عباده بعد أن أخبرهم الخبير بالرحمن عن حال الرحمن في نفسه أنّه ما قطّ شعر بالسعادة في نفسه منذ أن أهلك أوّل أمّةٍ كفروا برسول ربّهم إليهم من الجنّ والإنس.
والحمدُ لله الذي جعل الفتوى عن حاله سبحانه في آيةٍ مُحكمةٍ بيّنةٍ لعالِمكم وجاهلكم وعلّمكم الله بحاله في نفسه أنّه مُتحسِّرٌ على جميع الأمم الذين كذَّبوا بُرسل ربّهم فأهلكهم الله، فمن ذا الذي يُنكِر تحسُّر الله على عباده في قول الله تعالى: {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٣١﴾ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴿٣٢﴾} صدق الله العظيم [يس].
وهُنا يَجأَر أحباب الرحمن إلى ربّهم فيقولون: "يا إله العالمين كيف نكون سُعداءَ في جنّة النّعيم ما لم تكن يا حبيبي سعيداً؟ فهل خلقتنا من أجل أن نستمتع بنعيم الجنّة وحورها وقصورها؟ هيهات هيهات، وتالله لا نكون سُعداءَ فيها ما لم نعلم علم اليقين أنّك سعيدٌ مثلنا يا أرحم الراحمين حتى ولو لم تَفرِض ذلك علينا ولم تُحرِّم علينا دخول الجنّة قبل تحقيق رضوانك في نفسك ولكنّ حُجّتنا عليك أننا قد أحببناك بالحبّ الأعظم من ملكوت الدُنيا والآخرة، فكيف نكون سُعداءَ ما لم يكُن حبيبنا الرحمن الرحيم سعيداً مسروراً في نفسه؟". ومن ثمّ لا يجدون في أنفسهم إلا الرفض من دخول جنّة النّعيم حتى يُحقِّق الله لهم النّعيم الأعظم منها فيرضى.
ولذلك تجدون الإمام المهدي وزُمرته لن يرضوا بجنّة النّعيم وذلك من شدة حُبّهم لله ربّ العالمين ولذلك يريدون أن يكون حبيبهم الرحمن راضياً في نفسه ولم يعُد مُتحسِّراً ولا حزيناً على عباده الذين ظلموا أنفسهم، وذلك ليس رحمةً منهم بالعباد بل لأنّهم يعلمون أنّ الله هو أرحم بعباده من عبيده، ومن ثمّ علموا بعظيم مدى حسرة ربّهم على عباده الذين ظلموا أنفسهم ولو عَلم بذلك أنبياء الله ورُسله لما دعوا على قومهم شيئاً، وإنّما استجاب الله لدعوتهم فأصدقهم ما وعدهم فأهلك عدوّهم وأورثهم الأرض من بعدهم، فانظروا لدعوة نبيّ الله نوح - عليه الصلاة والسلام - على قومه وقال الله تعالى: {قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ ﴿١١٦﴾ قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ ﴿١١٧﴾ فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَن مَّعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴿١١٨﴾ فَأَنجَيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ﴿١١٩﴾ ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ ﴿١٢٠﴾ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ ﴿١٢١﴾ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴿١٢٢﴾} صدق الله العظيم [الشعراء].
ولكن الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني يقول:
اللهم عبدك يدعوك بحقّ لا إله إلا أنت وبحقّ رحمتك التي كتبت على نفسك وبحقّ عظيم نعيم رضوان نفسك أن لا تُهلِك عبادك الذين ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا ويحسبون أنّهم مهتدون، اللهم إن عبدك لا يريد أن يجلب إلى نفسك المزيد من التحسُّر على عبادك، اللهم إن نفد صبري فدعوتُ عليهم اللهم لا تُجِب دعوتي عليهم بحقّ لا إله إلا انت وبحقّ رحمتك التي كتبت على نفسك وبحقّ عظيم نعيم رضوان نفسك أن لا تُجِب دعوتي على أحدٍ من عبيدك الذين كذَّبوا بأمر المهديّ المنتظَر ناصر محمد اليماني وهم لا يعلمون أنّه المهديّ المنتظَر الحقّ من ربّهم، اللهم فاغفر لهم فإنّهم لا يعلمون برحمتك يا أرحم الراحمين.
ويا عباد الله يا أحباب الرحمن الرحيم يا أنصار الإمام المهديّ المنتظَر ناصر محمد اليماني، أتوسّل إليكم أن لاتدْعوا على إخوانكم المسلمين ولا على الكافرين الذين لا يعلمون الحقّ من الباطل فكونوا رحمةً للعالمين كما كان محمدٌ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - الذي كاد أن يُذهِب نفسه حسراتٍ على عباد الله الذين لم يؤمنوا بهذا القرآن العظيم ولم يدعُ عليهم وقال الله تعالى: {أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا ۖ فَإِنَّ اللَّـهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۖ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ۚ إِنَّ اللَّـهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴿٨﴾} صدق الله العظيم [فاطر].
وقال الله تعالى: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَـٰذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا ﴿٦﴾} صدق الله العظيم [الكهف].
ولربّما يودُّ أن يقاطعني الذين يبالغون في محمدٍ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - فيقولون: "أفلا ترى مدى رحمة محمدٍ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - بعباد الله فتجد أخباره في محكم كتاب الله يكاد أن يُذهِب نفسه حسراتٍ على عباد الله، فكيف لا يكون هو الشفيع بين يدي الله لعباده؟". ثمّ يردّ عليه الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني وأقول: إنّما أعظكم بواحدةٍ هو أن تتفكّروا في مدى حسرة محمدٍ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - الذي كاد أن يُذهِب نفسه حسراتٍ على عباد الله ومن ثمّ تقولون: إذاً فكيف بحسرة من هو أرحم من محمدٍ رسول الله بعباده اللـه أرحم الراحمين الذي قال في محكم كتابه: {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٣١﴾ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴿٣٢﴾} صدق الله العظيم [يس]؟
فاتقوا الله فليس محمدٌ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - هو أرحم من الله بعباده، ولذلك حذَّر الله مُحمداً - عبده ورسوله - أن يكون من الجاهلين لكون الله هو أرحم بعباده من محمدٍ - عبده ورسوله - الذي يكاد أن يُذهِب نفسه عليهم حسراتٍ ولذلك قال الله تعالى: {وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُم بِآيَةٍ ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّـهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَىٰ ۚ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴿٣٥﴾} صدق الله العظيم [الأنعام].
وفي هذا الموضع توقف الإمام المهدي للتفكّر والتدبّر ما يقصد الله بقوله إلى نبيّه: {فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ}، فماذا فعل محمدٌ رسول الله - صلّى الله عليه وآله - إلا أنّه يريد أن يهتدي النّاس أجمعين فيُصدِّقون الحقّ من ربّهم؟ والسؤال الذي يطرح نفسه: فبماذا جهل عليه الصلاة والسلام؟ ومن ثمّ بحثتُ في الكتاب فوجدتُ السرّ في نفس الله سبحانه وتعالى علواً كبيراً، فلو أنّ محمداً رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - قال:
يا ربّ إذا كانت هذه حسرتي في نفسي على عبادك حتى أكاد أن أُذهِب نفسي عليهم حسراتٍ، فكيف بحال من هو أرحم بعباده من عبده؟ الله أرحم الراحمين الذي يقول بعد هلاك كُلّ أمّةٍ كذَّبت برسل ربّهم: {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٣١﴾ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴿٣٢﴾} صدق الله العظيم.
ولذلك قال الله تعالى: {الرَّحْمَـٰنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} صدق الله العظيم [الفرقان:59].
ألا والله الذي لا إله غيره لولا أنّي أَخبرتُ الأنصار بحال الرحمن الرحيم لما حرَّموا على أنفسهم جنّة النّعيم لأنّهم لم يكونوا يعلمون من قبلُ أنّ الله يتحسّر على عباده الكافرين في نفسه تحسُّراً عظيماً ليس مثله تحسُّر أحدٍ من عبيد الله أجمعين نظراً للفارق العظيم بين رحمة الرُّحماء وأرحم الراحمين.
ويا أحبتي الأنصار يا أحباب الله ربّ العالمين، وكأنّي أراكم تستعجلون العذاب للمُعرضين عن اتّباع كتاب الله والاحتكام إليه من المسلمين والكافرين، ثمّ يردّ عليكم الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني وأقول: فهل ترضون أن تجلبوا المزيد من التحسّر في نفس حبيبكم الله أرحم الراحمين؟ فأين هدفكم العظيم أن تجعلوا النّاس أمّةً واحدةً على صراطٍ مستقيمٍ؟ فصبرٌ جميلٌ يا أحباب الرحمن وادعوا العالمين إلى اتّباع ذِكرهم من الله القرآن العظيم والكفر بما خالف لمحكمه وقولوا للنّاس حُسناً، جعلكم الله مباركين أينما كنتم فكونوا رحمةً للعالمين، فإذا استحضرت الحسرة في قلوبكم على عبيد الله فتذكَّروا حال من هو أرحم بعباده منكم الله أرحم الراحمين، واعلموا أنّكم لو تدعون على عبيد الله الذين كفروا بداعي الحقّ عن جهلٍ منهم فإن الله سوف يجيبكم تصديقاً لوعده الحقّ في محكم كتابه وقال الله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَىٰ قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا ۖ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴿٤٧﴾} صدق الله العظيم [الروم].
وإنّما يُهلِكهم الله من بعد التكذيب بآيات الله فيدعو عليهم رسلُ الله ثمّ يستجيب الله لهم فينتقم من عدوّهم ويورثهم الأرض من بعدهم إنّ الله لا يُخلف الميعاد، مثال دعوة نبيّ الله نوحٍ على قومه وقال الله تعالى: {قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ ﴿١١٦﴾ قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ ﴿١١٧﴾ فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَن مَّعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴿١١٨﴾ فَأَنجَيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ﴿١١٩﴾ ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ ﴿١٢٠﴾ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ ﴿١٢١﴾ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴿١٢٢﴾} صدق الله العظيم [الشعراء].
ومثال دعوة نبيّ الله شُعيب والذين آمنوا معه على قومهم بعد أن حذَّروهم: أن يخرجوا من قريتهم أو يعودوا في ملتهم، فكان ردّ نبيّ الله شُعيب وقومه أن قالوا: {قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُم بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّـهُ مِنْهَا ۚ وَمَا يَكُونُ لَنَا أَن نَّعُودَ فِيهَا إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّـهُ رَبُّنَا ۚ وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا ۚ عَلَى اللَّـهِ تَوَكَّلْنَا ۚ رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ ﴿٨٩﴾ وَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَّخَاسِرُونَ ﴿٩٠﴾ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ ﴿٩١﴾ الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَن لَّمْ يَغْنَوْا فِيهَا ۚ الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ ﴿٩٢﴾} صدق الله العظيم [الأعراف].
وكذلك دعوة نبيّ الله موسى وهارون عليهم الصلاة والسلام قالوا: {وَقَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَن سَبِيلِكَ ۖ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ﴿٨٨﴾ قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴿٨٩﴾ وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴿٩٠﴾ آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴿٩١﴾} صدق الله العظيم [يونس].
ولكن الإمام المهدي يتنازل عن هذا الوعد من الله (أن يُهلِك المسلمين والكافرين المعرضين عن دعوة الاحتكام إلى كتاب الله واتّباعه من الذين لا يعلمون الحقّ من الباطل وحتى ولو سوف يورثني الله ومن معي الأرض من بعدهم) اللهم لا تُجِب دعائي ولا دعاء أحدٍ من أنصاري بهلاك عبادك الذين لا يعلمون، وأمّا سبب تنازلي عن إجابة دعائي على عباده الذين ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنّهم يحسنون صنعاً وذلك لأنّي لا أريد أن أجلب المزيد من الحسرة في نفس الله على عباده برغم غيظي الشديد ولكنّي كظمت غيظي في قلبي من أجل ربّي ولذلك تجدوني دائماً أُذكِّر أنصاري بحسرات الله في نفسه على عباده في كثيرٍ من البيانات وقال الله تعالى: {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٣١﴾ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴿٣٢﴾} صدق الله العظيم [يس].
فيا من يستعجلون العذاب للعالمين، فهل ترضون أن تزيدوا حسرة الله في نفسه على عباده؟ إن كنتم تحبون الله بالحبّ الأعظم في الكتاب فقولوا في أنفسكم: "اللهم لا تُجِب دعاءنا على عبيدك وأجب دُعاءنا لهم بالهُدى برحمتك يا أرحم الراحمين". ثمّ لا يُجيب الله دعوتكم على أولادكم ولا إخوانكم ولا عشيرتكم ولا أمّتكم ثمّ يهديهم جميعاً من أجلكم فلستم أكرم من ربّكم ووعده الحقّ وهو أكرم الأكرمين.
فاجعلوا هدفكم كمثل هدف الإمام المهدي حتى تُحقِّقوا هُدى الأمّة جميعاً إن كنتم صادقين، ولا تفتنوا أنفسكم ولا تفتنوا أمّتكم بذكر مواعيد العذاب والحساب ليوم العذاب، ألا والله لو تُعلِّمون النّاس بموعدٍ للعذاب ولو بعد أمدٍ بعيدٍ فإنّ الذين لا يعقلون لن يقولوا: اللهم إن كان هذا هو الحقّ من عندك فاهدنا إليه واجعلنا من السابقين لنُصرة الحقّ من عندك قبل أن يأتي يوم العذاب العقيم؛ بل سوف يقولون: سوف ننظر أصدقتم أم كنتم من الكاذبين أنتم وإمامكم، فسوف ننظر ذلك اليوم هل يعذّبنا الله كما تزعمون؟ حتى إذا وقع آمنوا به الآن وقال الله تعالى: {أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنتُم بِهِ ۚ آلْآنَ وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ﴿٥١﴾} صدق الله العظيم [يونس].
ولذلك لم يُعلِّم اللهُ رسولَه عن موعد العذاب حتى لا يُنظِروا إيمانهم بالحقّ من ربّهم إلى ذلك اليوم وقال الله تعالى: {قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا ﴿٢٥﴾ عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا ﴿٢٦﴾ إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا ﴿٢٧﴾ لِّيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَىٰ كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا ﴿٢٨﴾} صدق الله العظيم [الجن].
ولقد عَلِم محمدٌ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - أنّ موعد العذاب لن يكون في عصره بل في عصر المهدي المُنتظر من خلال قول الله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّـهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّـهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴿٣٣﴾} صدق الله العظيم [الأنفال].
وعَلِم محمدٌ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - أنّه ليس المُخاطَب بقول الله تعالى: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ ﴿١٠﴾ يَغْشَى النَّاسَ ۖ هَـٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿١١﴾} صدق الله العظيم [الدخان].
بل عَلِم أنّ المُخاطب بذلك هو الإمام المهدي المُنتظر، ولذلك أفتى محمدٌ رسول الله أمّته عن آية العذاب بالدخان المُبين أنّ ذلك الحدث من أشراط الساعة الكُبرى، وبما أن المهديّ المنتظَر كذلك من أشراط الساعة الكُبرى إذاً تلك الآية هي لكي يصدِّقه العالمين فيتّبعون كتاب الله القرآن العظيم ويكفرون بما خالف لمحكمه سواء يكون في التوراة أو في الإنجيل أو في السنّة النبويّة لكون ما خالف لمحكم كتاب الله القرآن العظيم هو افتراءٌ على الله جاء من عند غير الله لكون كتاب الله القرآن العظيم محفوظاً من التحريف والتزييف إلى يوم الدّين ليكون حجّة الله على العالمين، فهل أنتم مؤمنون؟
وسلامٌ على المرسلين، والحمدُ لله ربّ العالمين ..
أخوكم الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني .
________________