- 3 -
( عدد العبيد في ملكوت الربّ المعبود )
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على جدّي محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وجميع المسلمين إلى يوم الدين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أحبّتي الأنصار، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، وسلامٌ على المرسَلين، والحمدُ للهِ ربِّ العالمين..
فبرغم أنّه يوجد أخطاءٌ في الردود ولكن لا تثريب عليكم مطلقاً؛ بل نطلق لكم العنان في التفكّر والتدبّر والبحث المستمر، ومن ثم تدلون بما حصلتم عليه من إجابات كردودٍ على سؤال الإمام المهديّ الذليل عليكم العزيز على عدّوكم، وإنّي معلّمكم ممّا علّمني ربّي، ولذلك فإنّي أكرّر الإذن بإذن الله ومُطْلِقُ لكم العنان بلا حدودٍ وبلا قيودٍ، وهل تدرون لماذا لم نحرّم عليكم ذلك في هذه الردود التي تخصّ هذا السؤال؟ لكون لم تكن إجاباتكم فتاوى للعالمين؛ بل ردّاً على السؤال كمحاولة للإجابة عليه ولم تقصدوا أن تكون ردودكم فتوى للعالمين؛ بل تعلمون أنّ من ورائكم إماماً سوف يهيمن عليكم وعلى كافة علماء الأمّة بسلطان العلم المبين، ولذلك فيجب عليكم الاجتهاد بالبحث عن الإجابة لهذا السؤال الحقّ بكل الوسائل الثقافية.
غير أن لي تعليقٌ على اثنين من الأنصار وهم حبيبي في الله إبراهيم الذي يرى أنّه لا بدّ من وجود الخلق لكي تُعرف قيمة الخالق! فأقول: كلا حبيبي في الله؛ بل الله سبحانه وتعالى علواً كبيراً غنيّ بإيمانه بنفسه عن خلقه جميعاً، فانظر إلى الاسم الله: {الْمُؤْمِنُ} صدق الله العظيم [الحشر:23].
والسؤال الذي يطرح نفسه: فما يقصد الله سبحانه أنّ يسمي نفسه: {الْمُؤْمِنُ}؟ وتجدون الجواب في محكم الكتاب في قول الله تعالى: {شَهِدَ اللّهُ أنّه لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ} صدق الله العظيم [آل عمران:18].
ومن ثم يتبيّن لكم المقصود من أحد أسماء الله الحسنى {الْمُؤْمِنُ} سبحانه ! أي المؤمن بنفسه فشهد بكلمة التوحيد، تصديقاً لقول الله تعالى: {شَهِدَ اللّهُ أنّه لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ} صدق الله العظيم [آل عمران:18].
وبما أنّني الإمام المهديّ جاهزٌ لحوار كافة الأطياف سواء الملحدين أو المشركين فنحن لهم لبالمرصاد بإذن الله، ألا وإنّه لتوجد آياتٌ في الكتاب ناموسٌ ولكنّها ذات حدودٍ في بيان التطبيق ولا ينبغي للإمام المهديّ أن يطبّقها بلا حدودٍ لكوني لو استمرُّ في تطبيقها حتى إذا تجاوزت الحدود المسموحة لتلك الآية فهنا سوف أخرج عن الصراط المستقيم إن فعلت.
وأضرب لكم على ذلك مثل قول الله تعالى: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ ﴿٣٥﴾} صدق الله العظيم [الطور]، ومن هنا نستنبط فتوى الله بالحقّ أنّ لكلّ فعلٍ فاعلٌ، ولكن بيان هذه الآية ينتهي بسدرة المنتهى فلا ينبغي لنا أن نتجاوز ببيانها سدرةَ المنتهى كونه ما بعد الحقّ إلا الضلال لكون ناموس هذه الآية يتمّ تطبيقه على الخلائق من أكبر شيء خلقه الله "السدرة" إلى "الذرة" بأنّ لكل فعلٍ فاعلٌ ما دون الخالق سبحانه وتعالى علوّاً كبيراً، فإذا وصلنا ببيان هذه الآية إلى سدرة المنتهى وهي قول الله تعالى: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ}، من ثم نقول: وكذلك سدرة المنتهى لا ينبغي لها أن تُخلق من غير خالق وراءها وهو الله ربّ العالمين، ومن ثم ينتهي عند سدرة المنتهى تطبيق ناموس هذه الآية كون بيان هذه إنّما يُطبّق على الخلائق ما دون الخالق سبحانه وتعالى علواً كبيراً؛ بل وكذلك ينتهي عند سدرة المنتهى التفكير بالعقل والمنطق فلن يستطيع أن يتفكّر عن كيفية ذات الله سبحانه وتعالى علوّاً كبيراً، وكذلك يعجز البصر عن الإدراك فلن يتحمّل رؤية ذات الله سبحانه وتعالى علواً كبيراً.
وعلى كل حالٍ توجد إجاباتٌ للأنصار فيها شيء من الحقّ ويدل ذلك على ذكائهم، وأحدُهم كاد أن يصل إلى اثنين من عشرة.
وسلامٌ على المرسَلين، والحمد للهِ ربِّ العالمين ..
أخوكم؛ الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني .
____________